مهمة تصحيح الاختلالات ( الاختلال 1 الى 3 )

يتعين النهوض بمهمة تصحيح عدد من الاختلالات التي تبعد نظامنا السياسي عن النموذج الديمقراطي المأمول، وأهم هذه الاختلالات هي :
1- وجود سلطة تقليدية فوق دستورية
إن وجود سلطة تقليدية تنهل من مشروعية موازية، ويمكن لها باسم هذه المشروعية أن تتخطى النص الدستوري، يفيد بكل بساطة أننا نعيش ما يشبه المجاز الدستوري أو غياب المؤسسة الدستورية بمفهومها الحقيقي.
ومن ثمة نستطيع الجزم، بعدم “جدية” الاختصاصات الواردة في الدستور والممنوحة للوزير الأول، فالمؤسسة الملكية عمليا هي الدولة، وكل المؤسسات ترتبط بها برابطة الطاعة والمخدومية، وهذا يجعل الوزير الأول والحكومة مجرد أجهزة لتلقي التعليمات وترجمتها والتحرك في حدود ما يحال عليها وما يفوض لها أو ما يطلب منها أن تباشره.
2- الضبط الانتخابي
تباشر الدولة مهمة الضبط الانتخابي وخاصة من خلال أدوار وزارة الداخلية. ليست هناك سلطة مستقلة للإشراف على الانتخابات، فهناك اهتمام بنتائج الانتخابات ممن يتولى أمر الإشراف عليها، إذ ينهض تخوف من أن تفرز الانتخابات أغلبية لها برنامج مختلف عن برنامج الدولة القار وتطالب بتطبيقه.
إن الداخلية هي سلطة خارج حكومية –أكثر من غيرها-، متعاظمة الأدوار، وتحرص على ضبط واقع معين، وتسعى لكي لا تفرز الانتخابات واقعا قد يمنع استمرار مركزية القرار أو تنبثق من خلاله قوة تطالب باستقلاليتها عن الدولة وبرنامجها. إن وسائل الضبط الانتخابي متعددة ومركبة، وهي تكفل استمرارية وضع قائم ينبع القرار فيه من أعلى.
3- الوزير الأول ليس سلطة سياسية تقود عمل فريق منسجم وفق برنامج متعاقد عليه مع الناخبين
هناك دائما إمكانية لاختيار الوزير الأول من خارج الأحزاب الفائزة في الانتخابات، بل من خارج الأحزاب أصلا، وهناك دائما إمكانية لكي تضمن له أغلبية و”سلم سياسي” يمنع من إسقاطه، مع التذكير بأن هذه الضمانة التي تتوفر له لا تعزى إلى صلاحية دستورية مباشرة للملك، بل إلى تقليد يجعل الفاعلين عموما يقبلون في النهاية الخضوع السهل للاختيار الملكي.
لكن الدستور يجعل ممارسة الوزير الأول لسلطاته المرسومة في النص الدستوري، مقيدة بشرط صدور إذن أو أمر أو إشارة ملكية، مادامت الصلاحيات الدستورية للملك وكما يوضحها التأويل الدستوري القائم، تجعل منه مصدر السلطة الأصلي ورئيس الجهاز التنفيذي وبقية الأجهزة والمؤسسات الأخرى، وعندما تمارس هذه الأخيرة صلاحية ما فيكون ذلك بتفويض من المصدر الأصلي. وبناء عليه فالوزير الأول في الحقيقة مجرد مساعد للملك، يسير اجتماعات مجلس الحكومة الرسمية.